الملخص
تأسست المملكة السلوقية على أراضي الشرق الأدنى على يد سلوقس الأول نيكاتور أحد قادة الاسكندر المقدوني والذي سار مُتّبعاً سياسة ملكه في تأسيس المدن على النمط اليوناني ورفدها بعناصر إغريقية، ومن أهم المدن التي أسسها في سورية: أنطاكيا – سلوقية بيريه – لاوديكيا – وأفاميا موضوع بحثنا هذا. وتُعتبر مدينة أفاميا قاعدة السلوقيين الحربية ومركز الخزانة العسكرية المالية واعتبرت مهد الفلسفة الرواقية والأفلاطونية الحديثة.
يتناول هذا البحث أهمية الموقع الجغرافي لمدينة أفاميا بالإضافة لأهميتها الاقتصادية والعسكرية والدينية. كما سنستعرض عدداً من أهم أسباب نشوء المدن السلوقية، ومن ثم سنتحدث عن قصة التأسيس الأسطورية لمدينة أفاميا الواردة عند المؤرخ يوحنا مالالاس. ومعلومات أسطورية عن أفاميا وردت عند الشاعر السوري أوبيان. وعن ذكر أفاميا في المصادر الأدبية. وفرضيات نشوء أفاميا على ضوء المكتشفات الحديثة. وعن تسميات أفاميا خلال العصور الكلاسيكية. كما وسيتطرق البحث لدراسة أوضاع أفاميا في الفترة السلوقية والرومانية والفترة البيزنطية. ومن ثمّ وصف معماري لأهم معالم وآثار المدينة من خلال الدراسات الأثرية. وسيُلقي المقال الضوء على عددٍ من أهم الأعلام والشخصيات المؤثرة من مدينة أفاميا .
وأفاميا هي إحدى أهم المدن الكلاسيكية، عملت بها بعثات التنقيب الأثرية منذ خمسينيات القرن الماضي، لكنّ أعمال التنقيب توقفت منذ بداية الصراع المُسلّح في سورية في عام 2011م، واستولت على هذه المنطقة العصابات المُسلّحة وسيطرت عليها. وبدأت عمليات السرقة والتنقيب غير المشروع عن الآثار، وتمّ تدمير وتخريب إرثٍ حضاري عمره آلاف السنين، من لوحاتٍ فسيفسائية وتماثيل وغيرها الكثير..، ومن ضمن هذه القطع المسروقة اللوحة الفسيفسائية التي سيتُمُّ التّحدث عنها في هذا البحث. والتي اكتُشفت بمحضِ الصدفة من قبل لصوص الآثار وتصويرها وإرسال هذه الصور إلى متخصصين في هذا المجال، ومن المُحتمل أنّ العديد من القطع المسروقة ومن ضمنها هذه اللوحة قد بيعت لهواة جمع الآثار في الخارج، واليوم تُعتبر هذه اللوحة من أكثر القطع التي يريدها الإنتربول الدولي.
سيُحاول هذا البحث مساعدة الباحثين والمُختصين بدراسة أوضاع المدن في سورية في تلك الفترة الهامة والغامضة من تاريخ سورية، والتي جاءت معلوماتها قليلة جداً في المراجع العربية .