الملخص
الاقتصادُ المقاومُ هو سياسةٌ اقتصاديةٌ متكاملةٌ، أي أنه نموذجٌ علميٌّ يتناسَبُ مع حاجات البلاد، وهو اقتصادٌ ذاتيُّ الإنتاج، ليس منغلقاً، وإنما يرتبط مع اقتصاديات العالم، وهو ليس اقتصاداً رسميّاً حكوميّاً فقط، بل هو اقتصاد مجتمعيٌّ وشعبيٌّ، يدور في فلك العدالة، أي أنه لا يكتفي بمؤشرات الاقتصاد الغربي الرأسمالي بالنسبة للناتج المحلي والنمو الوطني، بل يعتمد على دعم مختلف الوحدات الإنتاجية، والحدّ من اعتماد الموازنة العامة للبلاد على الإيرادات النفطية بشكل أَسَاسيّ، كما يتضمن العمل على إصلاح بنية القطاع المصرفي عبر السيطرة على تقلُّبات سوقِ النقد، ومحاولة فك الارتباط بالدولار الأمريكي.
ويُعتبر الاقتصادُ المقاوِمُ من أفضل الطرق للتعامل مع العقوبات الاقتصادية ضد الدول في الحالات التي لا يسمح لها بالصادرات والواردات التجارية، والتي تخضع لعقوبات أَو حصار اقتصادي، حَيثُ أنَّ الاقتصادَ المقاومَ له مقوماتٌ داخليةٌ نابعةٌ من البناءِ المؤسّسي المتماسك في شتى المجالات الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، والشعبِ الذي يتمتعُ بقدرات ذاتية وإمْكَانيات كبيرة في جميع المجالات، ويوحده انتماء وطني عقائدي ينبع من هُـوِيَّته الإيمانية، ويتسلح بالإيمان في مواجهة الاعتداءات الخارجية، حَيثُ أنَّ سياسةَ الاقتصاد المقاوم سياسةٌ مستنبَطةٌ من الثقافة الإيمانية والعلمية، وهي تعتبر بمثابة تدابير طويلة الأمد للاقتصاد الوطني، إذ تحقّق أهدافاً استراتيجية وجوهرية في مجال المسائل الاقتصادية في مواجهة الصدمات المختلفة التي تتعرض لها الدولةُ، من مخطّطات وأجندات دول استعمارية، تهدف للسيطرة على الثروات الاقتصادية والتحكم بالنظام السياسي للدول الضعيفة.
لقد جاء البحث ليقدم دراسة نظرية أولية تشرح مفهوم الاقتصاد المقاوم، كما شرحها وفصلها صاحب النظرية والمقوِّمات التي يُعْتَمَدُ عليها، والركائز التي استندت عليها أفكاره، ونوَّهَ إلى نقاط القوة التي تجعل النظرية محطَّ أنظار الدول التي تعاني من الاستعمار السياسي والاقتصادي، ونقاط الضعف الواجب تجنبها، والانتباه إليها وتوخي الحذر، ليشكل هذا البحث الحلقة الأولى من سلسلة الأبحاث التي تتناول هذا النهج العظيم وتشرح تجارب البلدان التي استفادت منه.