الملخص
لم تكن قواعد النحو في يوم من الأيام سيفًا مسلَطًا على العربية يتحكّم بها بفعل تأثيرات غير لغوية، بل كانت صورة أمينة للغة التي احتجّوا بها.
لقد جرى النحويون على منهج علمي سليم حين بنوا قواعد العربية على الأكثر والأفصح، وحين تجاوزوا مرحلة الاستقراء والوصف إلى استنباط القوانين اللغوية التي قدّروا أن العرب تصدر عنها في كلامها فطرة وسليقة.
إن وظيفة النحو لم تقتصر في أيّ زمن على دراسة أواخر الكلم من إعرابٍ وبناء، بل سعت إلى الكشف عن أسرار العربية، وطرائق تعبيرها، وتعليل ظواهرها، وصولًا بالمتكلّم إلى انتحاء سمت كلام العرب كما قال ابن جنّي.
وغاية النحو منذ نشأته إحاطة العربية بسياج من القواعد تصونها من كل ضروب الوهن، وبقي وفيًّا لهذه الغاية، حتى صار ركنًا أساسيًّا في تحديد هويتها.